من أعطي الدعاء أعطي الإجابة - منشورات الخليدي

اخر الأخبار

من أعطي الدعاء أعطي الإجابة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مساء الخير والبركة عليكم جميعا
موضوع اليوم في فقرة أخلاق اهل البيت عليهم السلام عن التوكل على الله عزوجل

التوكل: الاعتماد على الله تعالى في جميع الأمور، وتفويضها إليه، والاعراض عما سواه.
وباعثه قوة القلب واليقين، وعدمه من ضعفهما أو ضعف القلب، وتأثره بالمخاوف والأوهام.
والتوكل هو: من دلائل الايمان، وسمات المؤمنين ومزاياهم الرفيعة، الباعثة على عزة نفوسهم، وترفعهم عن استعطاف المخلوقين، والتوكل على الخالق في كسب المنافع ودرء المضار.
وقد تواترت الآيات والآثار في مدحه والتشويق إليه:
قال تعالى: ومن يتوكل على الله فهو حسبه
وقال: إن الله يحب المتوكلين
وقال: قل لن يصيبنا الا ما كتب الله، هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون
وقال الصادق عليه السلام: إن الغنى والعز يجولان،فإذا ظفرا بموضع التوكل أوطنا
(الوافي ج 3 ص 56 عن الكافي)
وقال (ع): أوحى الله إلى داود (ع): ما اعتصم بي عبد من عبادي دون أحد من خلقي، عرفت ذلك من نيته، ثم تكيده السماوات والأرض، ومن فيهن، الا جعلت له المخرج من بينهن وما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي، عرفت ذلك من نيته، الا قطعت أسباب السماوات من يديه، وأسخت الأرض من تحته، ولم أبال بأي واد هلك (الوافي ج 3 ص 56 عن الكافي)
وقال عليه السلام: من أعطي ثلاثا، لم يمنع ثلاثا:
من أعطي الدعاء أعطي الإجابة.
ومن أعطي الشكر أعطي الزيادة.
ومن أعطي التوكل أعطي الكفاية.
ثم قال: أتلوت كتاب الله تعالى؟
(ومن يتوكل على الله فهو حسبه)
وقال: (لئن شكرتم لأزيدنكم) وقال:(أدعوني أستجب لكم)(الوافي ج 3 ص 56 عن الكافي)
وقال أمير المؤمنين في وصيته للحسن (ع):
وألجئ نفسك في الأمور كلها، إلى إلهك، فإنك تلجئها إلى كهف حريز، ومانع عزيز (نهج البلاغة)
حقيقة التوكل:
ليس معنى التوكل اغفال الأسباب والوسائل الباعثة على تحقيق المنافع، ودرء المضار، وأن يقف المرء ازاء الأحداث والأزمات مكتوف اليدين. سليب الإرادة والعزم. وإنما التوكل هو: الثقة بالله عز وجل، والركون إليه، والتوكل عليه دون غيره من سائر الخلق والأسباب، باعتبار أنه تعالى هو مصدر الخير، ومسبب الأسباب، وأنه وحده المصرف لأمور العباد، والقادر على انجاح غاياتهم ومآربهم.
ولا ينافي ذلك تذرع الانسان بالأسباب الطبيعية، والوسائل الظاهرية لتحقيق أهدافه ومصالحه كالتزود للسفر، والتسلح لمقاومة الأعداء، والتداوي من المرض، والتحرز من الأخطار والمضار، فهذه كلها أسباب ضرورية لحماية الانسان، وانجاز مقاصده، وقد أبى الله عز وجل أن تجري الأمور الا بأسبابها.
بيد أنه يجب أن تكون الثقة به تعالى، والتوكل عليه، في انجاح الغايات والمآرب، دون الأسباب، وآية ذلك أن أعرابيا أهمل عقل بعيره متوكلا على الله في حفظه، فقال النبي صلى الله عليه وآله، له: إعقل وتوكل. ومن أروع صور التوكل وأسماه، ما روي عن إبراهيم عليه السلام:
أنه لما ألقي في النار، تلقاه جبرئيل في الهواء، فقال: هل لك من حاجة؟ فقال: أما إليك فلا، حسبي الله ونعم الوكيل. فاستقبله ميكائيل فقال: إن أردت أن أخمد النار فان خزائن الأمطار والمياه بيدي، فقال: لا أريد. وأتاه ملك الريح فقال: لو شئت طيرت النار. فقال: لا أريد، فقال جبرئيل: فاسأل الله. فقال: حسبي من سؤالي علمه بحالي(سفينة البحار ج٢ص٦٨٣)
ومن الناس من هو عديم التوكل، عاطل منه، لضعف احساسه الروحي، وهزال ايمانه. ومنهم بين هذا وذاك على تفاوت في مراقي التوكل.

محاسن التوكل:
الانسان في هذه الحياة، عرضة للنوائب، وهدف للمشاكل والأزمات، لا ينفك عن جلادها ومقارعتها، ينتصر عليها تارة وتصرعه أخرى، وكثيرا ما ترديه لقا، مهيض الجناح، كسير القلب.
فهو منها في قلق مضني، وفزع رهيب، يخشى الاخفاق، ويخاف الفقر، ويرهب المرض، ويعاني ألوان المخاوف المهددة لأمنه ورخائه.
ولئن استطاعت الحضارة الحديثة أن تخفف أعباء الحياة، بتيسيراتها الحضارية، وتوفير وسائل التسلية والترفيه، فقد عجزت عن تزويد النفوس بالطمأنينة والاستقرار، وإشعارها بالسكينة والسلام الروحيين، فلا يزال القلق والخوف مخيما على النفوس، آخذا بخناقها، مما ضاعف الأمراض النفسية، واحداث الجنون والانتحار في أرقى الممالك المتحضرة.
ولكن الشريعة الاسلامية استطاعت بمبادئها السامية، ودستورها الخلقي الرفيع - أن تخفف قلق النفوس ومخاوفها، وتمدها بطاقات روحية ضخمة، من الجلد والثبات، والثقة والاطمئنان، بالتوكل على الله، والاعتماد عليه، والاعتزاز بحسن تدبيره، وجميل صنعه، وجزيل آلائه، وأنه له الخلق والأمر وهو على كل شئ قدير. وبهذا ترتاح النفوس، وتستبدل بالخوف أمنا، وبالقلق دعة ورخاء.
والتوكل بعد هذا من أهم عوامل عزة النفس، وسمو الكرامة، وراحة الضمير، وذلك بترفع المتوكلين عن الاستعانة بالمخلوق، واللجوء إلى الخالق، في جلب المنافع، ودرء المضار.
ولعل أجدر الناس بالتوكل أرباب الأقدار والمسؤوليات الكبيرة، كالمصلحين ليستمدوا منه العزم والتصميم على مجابهة عنت الناس وإرهاقهم،

ليست هناك تعليقات